محامي المنتدى _______
عدد المساهمات : 2265 نقاط : 9466 التقيم : 1 تاريخ التسجيل : 08/09/2009 العمر : 38
| موضوع: الشاعر العربي الكبير ( الاخطل الصغير) الأحد أكتوبر 04, 2009 5:55 am | |
| هو غياث بن غوث بن طارقة بن عمرو بن سيحان بن الفدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط ، كنيته أبو مالك و لقبه الأخطل و هو اللقب الرئيسي و له ألقابٌ أخرى منها : دوبل ، و ذو العباية ، و ذو الصليب .
و قد تضاربت الآراء حول تسميته بالأخطل ، و لم تتفق حول سبب هذا اللقب و تاريخه و أصله . فقال الجواليقي : " سمي الأخطل بذلك من قولك : خطل في كلامه يخطل خطللاً ، إذا كان مضطراب الكلام " . و قال الزبيدي : " رجلٌ أخطل اللسان : مضطربه و به لقب الشاعر " . و زعم ابن قتيبة " أن الأخطل مشتق من الخطل و هو استرخاء الأذن ، و منه قيل لكلاب الصيد " و قد عقب البطليوسي على ذلك بقوله : " لا أعلم أحداً ذكر أنَّ الأخطل كان طويل الذنين مسترخيهما فيقال إنه لقب بالأخطل لذلك " . أما الأصمعي فقال أن الباحثين قد توهموا حين ظنوا أن الاضطراب معناه الضعف و الاختلال . و جاء في لسان العرب : " إنما سمي بذلك لطول لسانه ، و قيل : هو من الخطل في القول لكعب بن جعيل شاعر تغلب قبل الأخطل :
لعمرك ، إنني و إبني جعيلِ = و أمهما لأستارٌ لئيم " و جاء في الأغاني أيضا عن ابن السكيت أن عتبة بن الوغل التغلبي حمل حمالة ، فأتى قومه يطلب عونهم ، فجعل الأخطل يتكلم و هو يومئذ غلام فقال عتبة من هذا الغلام الأخطل ؟ و في الأغاني أيضاً عن أبي عبيدة أن غياث بن غوث هجا رجلاً من قومه ، فقال له : يا غلامُ إنك لأخطلٌ ، فلقب به . و في الأغاني أيضاً أن أبا الشاعر هو الذي لقبه بذلك عندما طرد غنم كعب بن جعيل شاعر تغلب ، فغضب كعب و شتمه و استعان بقومٍ من تغلب فردها إلى الحظيرة ، فارتقب الأخطل غفلته و طردها ثانية ، فغضب كعب و قال : كفوا عني هذا الغلام و إلا هجوتكم . فقال الأخطل : إن هجوتنا هجوناك و كان يومها يقرزم ، فقال كعب صدراً :
شاهدَ هذا الوجهُ غبَّ الحمهْ فأكمل الأخطل العجز قائلاً : ثم إستحكم بينهما الهجاء فقال الأخطل :
و سميت كعباً بشرَّ العظامِ = و كانَ أبوك يسمى الجعلْ ففزع كعب و قال : قد كنت أقول : لا يقهرني إلا رجلٌ له ذكرٌ و نبأ ، و لكن أبا الأخطل خشيَ عاقبة إبنه فضربه و قال له : أبقرزمتك تريد أن تقاوم إبن جعيل ؟ ! ثم جاء كعب بعدها مستنكراً صنيعَ الغلام فقال له أبوه : لا تحفل به فإنه غلام أخطل . فمن الثابت إذاً أن الرعونة و البذاءة و سلاطة اللسان كانت الدافع لتسمية الأخطل بهذا اللقب . أما ألقابه الأخرى فإنها تعد ثانوية بالنسبة للقب الذي اشتهر به . فقد ذكر المؤرخون أن أمه لقبته في طفولته " بدوبل " . و الدوبل هو الخنزير أو الحمار القصير الذنب . و يظهر أن جريراً قد تلقف هذا اللقب فهجاه قائلاً :
بكى دوبلٌ ، لا يرقئ الله دمعه = ألا إنما يبكي من الذلَّ دوبلُ و لقبه جريرٌ بذي العباية في قصيدة فيها حين أسر في يوم البشر و كانت عليه عباءة قذرة و في ذلك يقول جرير :
يا ذا العباية ، إنّ بشراً قد قضى = ألاّ تجوزَ حكومةُ النسوان و لقب الشاعر أيضاً بذي الصليب و قد ورد في القاموس المحيط للفيروزابادي : " ذو الصليب لقب الأخطل التغلبي " . و قال الأب لويس شيخو في كتابه شعراء النصرانية بعد الإسلام أن أمَّ الأخطل علقت على صدره صليباً ، لم ينزعه حتى كهولته ، حتى عند دخوله على الخلفاء ، فعرف لذلك " بذي الصليب "
إلا أن هذه الألقاب الأخيرة لم تجر على ألسنة الرواة و النقاد مجرى اللقب الأول و ظل لقب الأخطل طاغياً على اسمه على مدى العصور الأدبية وصولاً إلى عصرنا الحاضر حيث زيد عليه لفظة " الكبير " للتمييز بينه و بين الأخطل الصغير بشارة الخوري الذي لقب بالأخطل تيمناً به .
و كما اختلف المؤرخون حول سبب لقبه ، فقد أغفلوا تاريخ ولادته و لم يذكروا تاريخاً محدداً لها . إلا أننا نستعين برواية ابن سلام الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء ، حيث يعطينا طرفاً يدلنا على تاريخ ولادة الأخطل على وجه التقريب فهو يقول : " كان الأخطل أسن أهل طبقته " " و من الثابت أن شعراء هذه الطبقة هم الفرزدق و جرير و االراعي و الأخطل أما الراعي فلا نعرف من تاريخ ميلاده شيئاً ، و أما جرير فقد ولد نحو سنة 28 و أما الفرزدق فقد قيل أن توفي بالبصرة سنة عشر و مائة بعد أن قارب المائة فهو إذاً ولد بين سنة عشرة و سنة خمس عشرة ، و بذلك يكون مولد الأخطل قبيل السنة العارشة من الهجرة ، و لا نبعد عن الحقيقة إذا زعمنا أنه في أواخر السنة الثامنة " .
ليس للأخطل أسرة ذات شأن و تاريخ يفاخر بهما ، فقد كان أبوه غوث بن طارقة رجلاً عادياً و إن ذكر الأب لويس شيخو في كتابه " شعراء النصرانية بعد الإسلام أنه كان من وجوه قومه . أما أمه فاسمها ليلى و هي من قبيلة أياد النصرانية . و كانت تحبه و تحنو عليه ، لكن والده اتخذ عليها ضرة مما يدل أنه كان ضعيفاً في دينه الذي يحرم عليه الزواج من امرأة ثانية على حياة امرأته ، و نستدل من شعر الأخطل أن زوجة أبيه كانت تضنُّ عليه بما تمنحه لأبنائها ، و قد روى أبو الفرج عن رجل من تغلب أن الأخطل لحظ شكوة لأمه لبن ، و جراباً فيه تمر و زينب ، و كان جائعاً و كان يضيق عليه ، فقال لها : يا أمه ، آل فلان يزورونك و يقضون حقك ، و أنتِ لا تأتيهم و عندهم عليل ، فلو أتيتهم لكان أجملُ و أولى بك ، قالت : جزيت خيراً يا بني ، لقد نبهت عليَّ مكرمة ، و قامت فلبست ثيابها و مضت إليهم ، فمضى الأخطل إلى الشكوة ففرغ ما فيها ، و إلى الجواب فأكل التمر و الزبيبَ كله . و جاءت فلحظت موضعها فرأته فارغاً ، فعلمت أنه قد دهاها . و عمدت إلى خشبةٍ لتضربه بها فهرب و قال :
ألمَّ على عنباتِ العجوزِ = و سكوتها ، من غياثٍ لمْ
فضلت تنادي ألا و يلهم = و تلعن ُ اللعينُ منها أممْ و من أولاد الأخطل لا نعرف إلاّ مالكاً الذي كنيَّ بإسمه ، و قد أراده أن يكون صاحب ذوق و دراية و كرم . و كان سفيراً متجولا لأبيه يرسله في المعمات الأدبية و يعتمد على ذوقه الفني في هذا المجال . فقد روى أبو الفرج في أغانيه " أنه لما بلغ الأخطل تهاجي جرير و الفرزدق قال لابنه مالك : انحدر إلى العراق ، حتى حتى تسمع منهما و تأتيني بخبرهما ، فانحدر مالك حتى لقيهما و سمع منهما ، ثم أتى أباه ، فقال له : كيف وجدتهما ؟ قال : وجدت جريراً يغرف من بحر ، و وجدت الفرزدق ينحت من صخر ، فقال الأخطل : الذي ينحت من صخر أشعرهما و القول الأخير للأخطل يعطينا دليلا أنه كان متحمسا للفرزدق ، و يظهر ذلك واضحاً في تضاعيف القصائد حيث كان يفخر بالفرزدق و قومه دارم على جرير و رهطه يربوع .
أما عن زواجه فقد ذكر أنه تزوج أكثر من امرأة و لكن زوجته الأولى كانت أشهر نسائه ، فقد تحملت معه ضيق العيش في أوائل حياته ، و كانت الوحيدة التي استعبرت يوم وعد معاوية بن أبي سفيان الأنصار بقطع لسان الأخطل نظرا لهجائه فيهم :
ذهبتْ قريشٌ بالسماحةِ و الندى = و اللؤومُ تحت عمائمِ الأنصارِ فعلع الأخطل لوعد معاوية و هلعت أم مالك أيضاً و في ذلك يقول الأخطل :
و إني غداة استعبرت أم مالكٍ = لراضٍ من السلطانِ أنْ يتهددا و لكن تهتك الأخطل و فجوره أجج نار الخلاف بينهما فطلقها ، ثم تزوج كل منهما ، لكن أم مالك ظلت تكن له الشوق و كان ذلك لسان حاله أيضاًؤ :
كلانا على همَّ يبيتُ كأنما = بجنبيهِ ، من مسَّ الفراشِ ، قروحُ
على زوجها الماضي تنوحُ و إنني = على زوجتي الأخرى كذاك أنوحُ أما راية الأخطل فقد سماه جريراً ، و لا نظنن أن جريراً هو الشاعر المعاصر للأخطل ، و هو يصفه أنه يتحدث إلى الحسان المريبات . فكان إن وصف ملازمته أماكن الفواحش و السوء ، و إعجاب بنات الريبة به ، و مطاردته لهن ، و جزأته في طلب الغانيات و استغراقه في البغاء و الفساد ، حتى أصبح الناس يخافون على أعراضهم منه :
ألهى جريراً عن أبيهِ و أمهِ = مكانٌ ، لشبانِ الرجالِ ، أنيقُ أما قبيلة الشاعر فهي تغلب ، و كانت من قبائل ربيعة ، و لها تاريخ مجيد في الجاهلية حتى قيل فيها " لو أبطأ الإسلام قليلاً لأكلت بنو تغلب الناس " أما ديانة تغلب في الجاهلية فقد كانت الوثنية ، ثم تسربت إليها النصرانية و بعد ظهور الدعوة الإسلامية ، و تنادت قبائل العرب لمبايعة الرسول صلى الله عليه و سلم ، قدم وفدٌ من تغلب إلى المدينة مبايعاً ، فأسلم بعضه على يد النبي و بقي بعضه الآخر على النصرانية و قد عرف من أبناء تغلب شعراء كثيرون نذكر منهم في عصري الجاهلية و صدر الإسلام : المهلهل ، و عمرو بن كلثوم ، و عباد و عبد الله إبنا عمر بن كلثوم و كعب بن جعيل و القطامي ابن أخت الأخطل ، و أبو حنش عصم بن النعمان و غيرهم .
و كانت تغلب على عداء دائم مع قيس خصوصا في أيام الأمويين ، و لا عجب في ذلك إذا عرفنا أن قيساً جاءت إلى الجزيرة موطأ تغلب نفسه فزاحمهم في عقر دارهم ، إضافة إلى بعض القبائل اليمانية التي كانت تناصر الأمويين . و هذا ما دفع معاوية بن أبي سفيان إلى استمالة اليمانيين إليه بعد كانوا يشايعون الإمام علي بن أبي طالب . أراد معاوية استمالة اليمانيين فتزوج من قبيلة كلب امرأة تدعى ميسون بنت بحدل و أنجبت لع يزيد ، ثم استنصرهم لقتال قتلة عثمان حسب زعمه لأن أمه كانت كلبية أيضاً ، و لما توفي معاوية أبت قبيلة قيس مبايعة ابنه يزيد من بعده و قال أهلها : " و الله لا نبايع ابن الكلبية " فوقعت الحرب بين أمية و قيس و كانت تغلب إلى جانب أمية ضد القيسيين و لما آلت الخلافة إلى مروان بن الحكم ، بايعت قبيلة قيس عبد الله بن الزبير . فخرجت إليهم أمية و حلفاؤها من أفناء اليمن و قاتلتهم بمرج راهط فأهلكتهم شر مهلكة ، و قتلت رئيسهم الضحاك بن قيس الفهري مع تسعة مع تسعة آلاف من القيسيين ، ثم وقعت في أيام عبد الملك بن مروان الحرب بين قيس و تغلب فاستعانت تغلب بأحلافها من الأمويين و اليمنيين و كانت موقعة كسرت فيها شوكة القيسيين بموت زعيمهم مصعب ابن الزبير .
كل ذلك و الأخطل يتحين فرصة النطق باسم القبيلة ، و كيف الوصل إلى ذلك و في الساحة شاعرٌ مجدٌّ له فضل على قبيلته بما قدم لها من مآثر خلدها في شهره ، و ظل الأخطل يتحين الفرصة حتى قدمها له شاعر القبيلة نفسه كعب بن جعيل ، و ذلك أن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت كان قد شبب برملة بنت معاوية بن أبي سفيان ، فبلغ ذلك يزيدغاً أخاها فغضب و دخل على أبيه فقال : " يا أمير المؤمنين ، ألا ترى أن هذا العلج من أهل يثرب يتهكم بأعراضنا و يشبب بنسائنا ! " قال معاوية : " و من هو ؟ " قال : " عبد الرحمن بن حسان " و أنشده ما قال :
طال ليلي و بتُّ كالمحزونِ = و مللتُ الثواء في جيرون
فلذاك اغتربت في الشام حتى = ظنَّ أهلي مرجمات الظنونِ
هي زهراءُ ، مثل لؤلؤةِ الغواصِ = ميزتْ من جوهرِ مكنونِ
إذا ما نسبتها لم تجدها = في سناءِ من المكارمِ دون
تم خاصرتها إلى القبة الخضرا = ءِ تمشي في مرمرِ مسنونِ فقال معاوية " يا يزيد ، ليست العقوبة من أحد أقبحُ منها من ذوي القدرة ، و لكن أمهل حتى يأتي وفد الأنصار ثم ذكرني " فلما قدموا ذكره به ، فلما دخلوا عليه قال : " يا عبد الرحمن ، ألم يبلغني أنك تشبب برملة بنت أمير المؤمنين ؟ " قال : " بلى " و لو علمت أن أحداً أشرف به شعري أشرف منها لذكرته " . قال : " و أين أنت عن أختها هند ؟ " قال : " و إن لها أختاً ! ؟ " قال : " نعم " و إنما أراد معاوية أن يشبب بهما معاً ليظهر كذبه . فلم يرض يزيد من والده خصوصاً و أن عبد الرحمن بن حسان قد ذكرها صراحة في شعره :
رملُ هل تذكرين يومَ غزالٍ = إذ قطعنا مسيرنا بالتمني
إذ تقولين عمركَ اللهُ هل شي = ء ، و إن جلَّ ، سوف يسليك عني
أوَ أطعمتُ منكم يا ابن حسا = نَ ، كما قد أراكَ أطعمتَ مني فأرسل يزيد بن معاوية بطلب كعب بن جعيل و طلبَ منه هجاء الأنصار فتخرج كعب من هذا الأمر ، لعلمه بأن هجاءه لهم سينال من المسلمين جميعاً فقال ليزيد : " و الله ما تلتقي شفتايَ بهجاء الأنصار " و قيل أنه ردّ قائلاً : " أرادي أنت إلى الكفر بعد الإسلام ؟ و لا أهجو قوماً نصروا رسول الله و آووه و كان كعب حديث الإسلام بعد نصرانيته الأولى ثم قال : " و لكني أراك على غلامٍ منا نصراني ، لا يبالي إن يهجوهم ، كأن لسانه لسان ثور قال : " من " قال : " الأخطل " .
هذه الفرصة النادرة التي قدمها له شاعر قبيلته و الناطق باسمها كعب بن جعيل جعلت الأخطل يمسك بزمام المبادرة ليس فقط ليصبح شاعر تغلب و إنما ليدخل بلاط الخلفاء الأمويين من الباب الواسع . فقرر أن يمضي بهذه المسألة حتى النهاية مهما كلفته من المصاعب ، و أياً كانت النتائج ، و لكنه آثر أن يحتفظ لنفسه بضمانةٍ من يزيد بن معاوية تجعله في مأمن إذا ما تعرض للأخطار ، فقال له : " أهجوهم على أن تمنعني " قال يزيد : " نعم " قال : " كيف أصنع بمكانهم " ؟ أخاف على نفسي و أفرق من المؤمنين فقال يزيد : " لا تخف شيئاً ، لك ذمة أمير المؤمنين و ذمتي " فأنشد قصيدته التي مطلعها :
ذهبتْ قريشٌ بالسماحةِ و الندى = و اللؤومُ تحتَ عمائمهمِ الأنصارِ
فدعوا المكارمَ لستمُ من أهلها = و خذوا مساحيكم بني النجارِ
إن الفوارس يعرفون ظهوركم = أولادَ كلَّ مسفحٍ أكارِ
و إذا نسبتَ إبنَ الفريعةِ خلتهُ = كالجحشِ بين حمارةٍ و حمارِ فوصل الأمر إلى النعمان بين بشير الأنصاري ، و كان صاحب حظوة عند معاوية بن أبي سفيان ، لأنه كان و مسلمة بن مخلد مع الأمويين في سياستهم دون بقية الأنصار . دخل النعمان على معاوية حاسر الرأس بعد أن ألقى عمامته و قال : يا معاوية أترى لؤماً ؟ قال : ما أرى إلاّ كرماً . فأنشده النعمان قصيدمنها :
معاويَ ، إلاّ تعطنا الحق تعترف = لحمى الأزدِ مشدوداً عليها العمائم
أيشتمنا عبدُ الأراقمِ ضلةً = و ما الذي تجدي عليك الأراقم ؟
فما ليَ ثأرٌ دونَ قطع لسانهِ = فدونكَ من يرضيهِ عنك الدراهم …
و إني لأغضي عن أمورٍ كثيرةٍ = سترقى بها يوماً إليكَ السلالمُ
فما أنتَ و الأمرُ الي لست أهلهُ = و لكنْ وليُّ الحقَّ و الأمرِ هاشمُ و قيل إن معاوية قال و من بلغ ذاك منكم ؟ قال غلامٌ نصرانيٌ من بني تغلب بلغ منا أمر ما بلغ منا في جاهلية و لا إسلام . قال معاوية : " و ما حاجتك ؟ " قال النعمان : " لسانه " قال : لك ذلك ، و كتب فيه أن يؤتى به . و بلغَ الأمر الأخطل فأسرع إلى يزيد و قال له : هذا الذي كنت أخاف . فطمأنه يزيد و قال : لا تخف شيئاً . ثم دخل على معاوية طالباً العفو له ، و طلب من النعمان البينة على ما يقول ، فلما عجز عن الإتيان بها ، خلى معاوية سبيله . و قيل إن يزيد أسرّ لأبيه أنه وهبه ذمته و ذمة أبيه إذا هجا الأنصار . و نظم الأخطل بعدها قصيدة يشكر فيها يزيد على موقفه منه و رعايته إياه ، داخلاً بذلك بلاط الأمويين ، مقرباً من يزيد الذي شفا نفسه من تشبيب ابن حسان لشقيقته :
و لولا يزيدُ ابن الملوك وسيبه = تجللتُ حدباراً ، من الشر أنكدا
أبا خالدٍ دافعت عني عظيمةً = و أدركت لحمي قبل أن يتبددا
و أطفأت عني نارَ نعمان بعد ما = أعدَّ لأمرٍ عاجزٍ و تجردا و من هذه الحادثة استطاع الأخطل أن ينفذ من حدود القبيلة إلى مسرح السياسة و يصبح من نجوم ذلك العصر ، فقد دخل ديوان معاوية ثم مدح يزيد ابنه ثم خالد بن يزيد ثم عبد الله بن معاوية ، ثم انتقلت مدائحه إلى البيت المرواني و له قصائد في عبد الملك ابن مروان . و بشر بن مروان ، و الحجاج بن يوسف الثقفي ، و عكرمة الفياض . و خالد ابن أسيد و الوليد بن عبد الملك ، و غيرهم من سادات الأمويين و أشرافهم . دامت حياة الأخطل نيفاً و سبعين سنة قضاها أبو مالك في تهتك و هجاء و فخر و مديح ، و مات في خلافة الوليد بن عبد الملك . و دليلنا على ذلك قول الوليد : " ما أخرج لسان ابن النصرانية ما في صدره من الشعر حتى مات . و كانت وفاته عام 92 للهجرة | |
|
gogeta -----
عدد المساهمات : 1219 نقاط : 6966 التقيم : 3 تاريخ التسجيل : 11/09/2009
| موضوع: رد: الشاعر العربي الكبير ( الاخطل الصغير) الجمعة أكتوبر 09, 2009 1:27 pm | |
| | |
|