أعاد الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، تكليف النائب سعدالدين الحريري، رئيس كتلة المستقبل، زعيم الغالبية البرلمانية، بتشكيل الحكومة مرة جديدة الأربعاء، في أعقاب المشاورات النيابية التي انتهت بحصوله (الحريري) على دعم من الكتل المتحالف معها.
ويأتي تكليف الحريري في وقت امتنعت فيه الكتل المعارضة، والمكونة بشكل أساسي من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، عن تسمية أي شخصية لرئاسة الحكومة، معربة عن إصرارها على مطالبها بالحصول على وزارات "حساسة،" ما قد يهدد مهمة الرئيس المكلف، التي فشلت في المرة الأولى بعد 73 يوماً من التكليف.
وأصدرت المديرية العامة للرئاسة اللبنانية الأربعاء بياناً جاء فيه أن تكليف الحريري أتى بعد "مشاورات لرئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب (نبيه بري)، استنادا إلى الاستشارات النيابية الملزمة، والتي أطلعه على نتائجها رسميا.
وكان الحريري قد نال أكثر من 73 صوتاً من أصل 128، يشكلون إجمالي أصوات نواب البرلمان اللبناني، وحظي بدعم من كتلته "المستقبل" وحلفائها ضمن قوى "14 آذار"، وفي مقدمتهم القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، وبعض المستقلين.
كما حظي الحريري أيضاً بدعم من رئيس حكومة تصريف الأعمال، فؤاد السنيورة، الذي أعرب عن أمله في أن "يستفيد الجميع من التجربة" التي مررت بها البلاد" وأن يتم الحفاظ على الصلاحيات والتعاون بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وعدم وضع "أعراف جديدة في عملية التشكيل" في إشارة إلى شروط المعارضة.
من جانبها، امتنعت كتلة حزب الله، التي تتزعم المعارضة، عن تسمية أي شخص لرئاسة الحكومة، ولكن الحزب أبقى باب التعاون مفتوحاً مع الحريري.
وفي هذا السياق، قال مسؤول منطقة البقاع في حزب الله، محمد ياغي، إن الحزب "حاضر للتعاون مع رئيس الحكومة الذي يكلف، وإن لم يسم أحدا."
وأضاف: "من يريد حكومة وحدة وطنية من الطرف الآخر، عليه أن يقدم بعض التنازلات، كما قدمت المعارضة، لكي نستطيع أن نؤسس لوطن الشراكة الحقيقية والوحدة الوطنية،" وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية.
وكان الحريري قد كُلف بتشكيل الحكومة للمرة الأولى في 27 يونيو/حزيران الماضي، في أعقاب الانتخابات النيابية التي أعادت منح الأغلبية للقوى التي يقودها، وجرى الطلب منه تأليف أعضاء الحكومة، عملاً بالعرف الذي يقتضي تسليم هذه المهمة للشخصية السنية، التي تنال أكبر نسبة من أصوات النواب.
ولكن الحريري فشل خلال 73 يوماً أمضاها في مشاورات مع مختلف الكتل بالتوصل إلى تشكيلة تناسب الأغلبية والمعارضة، بعدما طلب منه رئيس الجمهورية تشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك بسبب إصرار المعارضة على مقاعد حساسة، بينها وزارة الاتصالات والداخلية.
ودفع هذا الأمر بالحريري في أواسط سبتمبر/أيلول الجاري إلى تقديم تشكيلة كان يدرك سلفاً رفض المعارضة لها، وأعقب ذلك اعتذاره عن المهمة في العاشر من سبتمبر/أيلول.