حقوق الإنسان في الإسلام
تحدث الكثير عن حقوق الإنسان في جميع التخصصات: الشريعة، القانون، الاقتصاد، السياسة، علم الاجتماع، علم النفس... وينصرف حديثنا إلى بيان المنظومة الحقوقية في الإسلام.
لكن تجدر بنا الإشارة إلى أن الإنسان في تاريخه العريق قد تعرض لمختلف أنواع الظلم والاضطهاد على جميع المستويات: الاقتصادي والاجتماعي والنفسي... لكنه لم يستسلم، فكان يسعى وباستمرار إلى تحسين واقعه وظروفه، وذلك من خلال تنظيمات ومطالب متكررة فاستطاع أن يفتك استصدار قوانين محلية ودولية، ومواثيق تكرس له حقوقا، على رأسها الاعتراف بإنسانيته وبمختلف حقوقه.
أهم المواثيق الدولية:
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948، ويعتبر لب الشرعية الدولية المتعلقة بالمنظومة الحقوقية.
2- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر في 16/12/1966.
3- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16/12/1966.
4- البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16/12/1966.
ذكرنا هذه الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات لنبين مدى الاهتمام الدولي والوطني بالمنظومة الحقوقية، فهل الأمر كذلك في الإسلام؟
اولا : فلسفة حقوق الإنسان في الإسلام:
أولا: تكريس عقيدة التوحيد والكفر بالطواغيت والتحرر من الآلهة المزيفة: قال تعالى: ﴿...فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا...(256)﴾ البقرة.
ثانيا: لتحرير الإنسان من قيود شهواته وأهوائه.
ثالثا: ضمان الآجال والأرزاق من عند الله، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا(6)﴾ هود. ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا(51)﴾ التوبة. ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ الرعد 38.
ثانيا : مصدر الحقوق والحريات في الإسلام:
إن المصدر الأساس للحقوق في الإسلام هو القرآن الكريم والسنة النبوية، ولقد تقررت منذ التقاء السماء بالأرض.
ومن أمثلة ذلك، تقرير حق الحياة لكل إنسان، قال تعالى ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...(32)﴾ المائدة.
ثالثا : خصائص حقوق الإنسان في الإسلام:
أولا: إلهية المصدر
ولها فائدتان:
أ- إن حقوق الإنسان لها من القداسة ما يحفظها من العدوان عليها.
ب- لا تقبل النسخ ولا الإلغاء ولا التعطيل.
ثانيا: الشمولية فهي تشمل كل الحقوق المتعلقة بالإنسان: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية... فكل حقوقه محمية من بطن الأم و صرخة الوضع إلى أنّة النزع وبطن الأرض.
ثالثا: العموم فهي تعم كل المخلوقات من حيوان وإنسان.
رابعا: التوازن بين الفردية والجماعية إن حقوق الإنسان في الإسلام لا تهمل الفرد ولا تضيع الجماعة، فهي جامعة لكل الحقوق التي تحقق التوازن بين الأفراد والجماعات.
خامسا: النسبية فهي ليست مطلقة، إذ هي مقيدة على عدة مستويات تفاديا للظلم والشطط
..اذا أغفلنا هذه التقريرات الربانية والتوجيهات الدينية فلا شيء يجدي نفعا، أما بالنسبة للحقوق التي أقرتها
المواثيق الدولية – ولقد أسلفنا ذكرها – لم تتجسد على أرض
الواقع...فأين الخلل؟
إن الإنسان هو من ينتهك حقوق الإنسان.